قراءة حول شيفرة بلال للكاتب أحمد خيري العمري
كانطباع أول حول الكتاب فقد شدني منذ البداية، وهذه هي البدايه :
بلال فتى يبلغ ثلاثة عشر عاما، يقطن بنيويورك رفقة أمه وهو
مصاب بالسرطان، راسل ذات يوم كاتب سيناريو فيلم بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه
وسلم من أجل ان يبعث له السيناريو ويقوم بقراءته قبل ان يعاجله الموت ولا يشاهد
الفيلم.
كاتب السيناريو أمريكي من اصول عربيه وهو ملحد. السبب الوحيد
الذي جعله يقبل كتابه السيناريو هو حاجته للمال فقط. يفاجأ ذات يوم ببريد الفتى
بلال يطلب منه تنفيذ اخر رغبة له قبل أن يموت. ومن اجل مساعدته أخبره أنه سيرسل له
كل المعلومات التاريخية التي سيتضمنها السيناريو بالتدريج، لتبدأ حياة الفتى وأمه
والسيناريست بالتغيير شيئا فشيئا.
يستهل السيناريست أمجد بريده الاول بأسطورة إغريقية حول صخرة
سيزيف، الصخرة التي عوقب هذا الأخير
بحملها من اسفل الجبل الى قمته، فتتدحرج
كلما وصل إلى الأعلى ليعود ويتسلق بها من جديد بدون هدف... شقاء بدون جدوى، عبث
وعدم.
ثم يعطي مثال الصخره الثانيه وهي الصخره التي وضعت فوق صدر
بلال، العبد الحبشي المؤمن الذي عذبه ابو اميه عاريا فوق رمال صحراء مكة الحارقه
ووضع صخره ضخمه فوق صدره تمنعه من التنفس، خلاصه من الصخرة كان من الممكن أن يتم
لو أنه سب محمد عليه افضل الصلاه والسلام واهان دين الإسلام، لكنه لم يقبل، تحمل
وصبر، وبذلك اختبر قوته وصلابته و مدى
تحمله، أراد أن يعرف الى اي مدى يمكن لجسده أن يتحمل هذا الألم. فاكتشف أن قوه الايمان بداخله تفوقت على كفر
وظلم ابو امية. صخرة بلال اصبحت رمزا للقوه التي تأتي من الايمان والحريه التي
تأتي من القوه فكان حري بها ان تصبح تمثالا للحرية. وفي المقابل هناك صخره سيزيف،
مثال العبوديه والعبث واللا إيمان واللا جدوى والشقاء بدون هدف.
فخلص السيناريست في بريده الاول اننا جميعا نواجه صخره في حياتنا، ونحن بإمكاننا ان نجعلها صخره بلال أو صخرة سيزيف.
.الرواية في قمة الروعة وهذه أول مرة أكتب فيها عن كتاب لم أتمم قراءته بعد...
قد يكون اروع كتاب واروع قصه
حول مرض السرطان وهزيمه السرطان. بلال الفتى ذو 15 عاما هزم السرطان شر هزيمه، ليس
كما يحدث عند البعض، يعتقدون انهم هزموا السرطان بالشفاء منه فقط، ماحدث مع بلال
شيء اخر، لقد هزم السرطان بفهمه لعمق الحياه، بجعل حياته القصيرة جدا ذات معنى، بتركه اثرا
يخلد ذكراه وينفع غيره بعد مماته.
مرض بلال جعله يواجه مخاوفه التي كانت تطارده
بالمدرسه، يواجه مشاكله التي كانت تجعله يتمنى الموت ، والان وهو بمواجهه
الموت، فقد تغلب عليها بعد ان راسل امجد
الحلواني كاتب سيناريو فيلم بلال طالبا منه أن يرسل له السيناريو. وقد كانت ضرية
حظ للاثنين، أو دعنا نقول قدرا جمع الاثنين ...
بعد ان استوعب بلال النيويوركي
قصه ايمان بلال الحبشي، ظلم اميه له و جهله، استشعر وجود الله الواحد الاحد. أدرك
ان الحياه لا ينبغي ان تكون جميلة، وهي ليست كذلك، لكي نكون سعداء، بل نحن من يجب ان نتغير لمواجهة هذه الحياه. أدرك
ان الله خلق الانسان وتركه يختار بين أن يكون امية او بلالا أو اي شيء اخر. واقتنع أن المجتمع ولحدود الساعة فيه العديد من
أميه، و لكل منا أمية خاصته يجب ان يواجهه كما واجه بلال الحبشي معذبه أمية في أرض
المعركه. لقد كانت معركة في عقل بلال
ووجدانه أكثر من كونها معركه على أرض الواقع. كانت معركه يتردد فيها -في عقل بلال
الحبشي- اسم ""أحد أحد الكلمه التي
كان يقولها بلال وهو تحت الصخره. لقد اسهب الكاتب في شرح تلك اللحظه بشكل مفصل
محاولا اسقاط ابعادها على كل واحد منا في هذا الزمن وفي كل زمن.
هزيمه بلال للسرطان تمثلت في عيشه اكثر من حياه
في تلك الفتره القصيره، تتمثل في تغيير حياة أمجد الحلواني للأفضل بمواجهته
لمخاوفه هو أيضا, نفس الشيء حدث لأمه لاتيشا هي الأخرى تغلبت على مخاوفها بسبب بلال ومراسلته لأمجد.
رغبه بلال في ان يترك اثرا جعل امه تدفعه لإنشاء
مدونه خاصه يكتب فيها رسائله، خصوصا وان لديه موهبه الكتابه، تلك المدونة والتي سميت ب "شيفرة
بلال" كانت ستره نجاه لبلال وأمجد، حيث وجه فيها بلال رسائله الاخيره لأبيه
الذي لم يره طوال حياته لأمه لأمجد ،لبلال الحبشي، لأميه، لمرض السرطان، لأنف جون،
الصبي الذي كان يضايقه بالمدرسه، لله الواحد الاحد يخبره فيها كم أنه يحبه...
وهكذا فك بلال شيفرة بلال في رسالته الأخيرة،
وترك اأثرا قبل أن يموت وأثره عالج
المقربين منه واستفاد منه منتجو الفيلم أيضا.
الحق الحق اقول لكم، لقد امتلأت مقلتياي بالدموع عند قراءه بعض الفقرات، حتى أنني فقد اغلقت الكتاب واغمضت عيناي مستحضرة و مجسدة بخيالي ما قرأت، وهو شعور من النادر أن يحدث لو تعلمون وها قد حدث مع شيفرة بلال.
goodjob
ردحذف