عن رواية بنات حواء الثلاث

بسم الله الرحمان الرحيم 

١٠/١١/٢٠١٩ 




أنهيت اليوم قراءة رواية "بنات حواء الثلاث" لإليف شافاك، أعتقد أنني بدأت أعجب حقا برواياتها، فهذه الثالثة بعد روايتي "قواعد العشق الأربعون" و "الفتى المتيم والمعلم". 
الرواية تتحدث عن اجتماع ثلاث فتيات من جنسيات مختلفة في جامعة أكسفورد : منى المصرية المسلمة، شيرين الإيرانية الملحدة الجريئة وبطلة الرواية بيري التركية الأصل، والمشوشة دائما، لم تستطع أن تكون ملحدة أو مؤمنة، فهي لا تجد نفسها في " نعم" أو "لا" بل في منطقة بينهما، وهذا نابع من طفولتها التي قضتها بين أب علماني يمجد "اتاتورك" و أم مسلمة و محافظة، فقد عانت في طفولتها من عدم القدرة على الاختيار، لأن ذلك كان يعني الاختيار بين أبيها أو أمها. وهذا ما دفعها إلى اختيار موضوع "الرب" كمنهاج للدراسة في جامعة أكسفورد التي ولجتها بجدها واجتهادها وكذا بمساعدة أبيها
هذا المنهاج  يدرسه أستاذ مثير للجدل وهو "أزور"، كان محط إعجاب العديد من الطلاب والطالبات، كما كان له أعداء انتظروا سقوطه بفارغ الصبر
كان أزور يعمد إلى ضم طلاب مختلفي الجنسيات والآراء حول موضوع المنهاج إلى فصله، ربما كان بذلك يجري تجاربه الاجتماعية عليهم، عرف بطريقة تدريسه الغريبة و الخارجة عن المنهاج المعتمد من طرف الجامعة، فكان طلابه كثيري التذمر والاستياء، لأنه جعل الفصل حقل تجارب يجمع الأضداد دون إثارة الحرب، وعلى سبيل المثال فقد كان يطلب بحثا مشتركا بين طالبين أحدهما مؤمن والآخر ملحد، مما كان يدفع بعض الطلاب إلى التخلي عن المنهاج
تتناوب على الرواية فترتين متزامنتين، الأولى حيث كانت بيري طفلة، مراهقة ثم طالبة، والثانية سنة ٢٠١٦، حيث كانت بطلتنا في حفل عشاء لأحد رجال الأعمال الأثرياء رفقة زوجها
في هذه الحفلة، وحول طاولة العشاء، ناقشت الكاتبة عدة مواضيع تخص السياسة والدين والاقتصاد بعرض الأفكار المتضاربة للمدعوين ذوي المناصب المرموقة
كما ناقشت العديد من الآراء حول التوحيد والإلحاد، بسردها لأحداث ندوة تضم مجموعة من الأساتذة، منهم مؤمن والآخر ملحد و أزور المتواجد بينهما شانه شان أفكاره حول الموضوع المطروح للنقاش. 
نجد أيضا أراء مختلفة تم طرحها أثناء حصص أزور الدراسية رفقة طلابه.
طبعا لم يتبين لنا رأي الكاتبة بهذا الموضوع باعتبارها الراوي، فهي تناقشه عبر رواية شيقة وهذا شيء ممتاز و مثير للاهتمام، غير أنه يمكن تبين وجهة نظرها في الفصل الأخير من الرواية، وهي المحادثة الهاتفية بين بيري المرأة المتزوجة و أزور الأستاذ بعد قطيعة دامت ١٤ سنة. نلاحظ تغير رأي أزور حول موضوع الإيمان والإلحاد، وبيري وجدت لنفسها ملاذا بين "نعم" و "لا" ، ولم تعد متأرجحة بينهما، عثرت على ضالتها لدى "ابن عربي" و "ابن رشد"، حيث ذكرت الكاتبة ان " ابن رشد" ،و قد كان أنداك  فيلسوفا بارزا، طرح سؤالا على "ابن عربي"، الذي كان طالبا شابا، وهو : هل نكشف عن الحقيقة بواسطة التفكير العقلاني؟ 
فكانت إجابة ابن عربي كالتالي
نعم، ولا ، واضاف أن بين نعم ولا تخلق الأرواح خارج مادتها والعقول خارج أبدانها
و أعتقد أن ذكر ابن عربي في نهاية الرواية يضع حدا للنقاشات التي أثارتها الكاتبة، فابن عربي يقول
''ليس ثمة أكثر جهلا من أولئك الذين يبحثون عن الرب''
ومن بين الجمل التي استهوتني في الرواية
_ قال الملحد : إن الدين حكاية من حكايات الجان والعفاريت، موجه إلى أولئك الذين يهابون الظلام. فرد عليه الأستاذ المؤمن: في تلك الحالة، فإن الإلحاد حكاية من حكايات الجان والعفاريت موجهة إلى أولئك الذين يهابون النور
هاجر علالي

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة حول شيفرة بلال للكاتب أحمد خيري العمري

شذرات يوميات 6 - اعتراف

شذرات يوميات 5